عيد ميلاد سعيد فيراس!… أو يوميات الطفولة في غزة…
عيد ميلاد سعيد فيراس! اليوم تبلغ من العمر السنة الواحدة. مع عينك الكبيرتين السوداوتين ووجنتيك السمينتين تحاول أن تقول أول كلماتك، بينما تتمسك بالطاولة وتقف بمفردك، أنت فخور جداً بنفسك. فيراس أنت مثل كل الأطفال!
ولكن يوم ميلادك مميز … ولدت منذ سنة في ٨ تموز في غزة ، يوم الذي بدأ القصف فيه .
خلال أول ٥١ يوم من حياتك، قتل ٢١٣٢ شخص في بلدتك جراء الحرب. ٥٠١ كانوا من الأطفال و تم تدمير ١٢٤٠ منزل، إحداهما منزل والدك. نود أن نؤمن أنك كنت صغير جداً عندما إندلعت الحرب ، أنك لم تتأثر من قلق أمك، كوابيس اخواتك وخوف أهلك على حمايتك.
نريد أن نؤمن أنك لن تتذكر كل هذا، ولكن بكل صراحة لا ندري…
إنه عيد ميلادك الأول، ولم يتم بناء منزلك بعد. ١٧٦٠٠ عائلة مثلك قد وضعوا في مساكن مؤقتة، في خيم وكرفانات عندما كانوا في الإنتظار. على خيمتك وضعوا صورة لعائلتك و صورة للمبنى التي كنت تسكن فيه، كي لا تنسى. في سنك قد لا تفهم ما يحصل من حولك، ولكننا قلقون عليك، إذ أنك تعيش على أرض محاصرة. سترافقك كلمة “الحصار” من دون شك. ما يعني أنه حتى لو انتهت الحرب، سوف تواجه مشكلة إدخال مواد البناء إلى موطنك . هل سيبنون الحضانة في الوقت المناسب؟ هل العيادة الصحية ستكون جاهزة إذا كنت مريض؟ إن الحصار سيؤدي أن تشرب مياه ملوثة، وأن تحصل على ٨ ساعات من الكهرباء. كما أننا لا نؤكد لك أنك ستحصل على الدواء اللازم.
في عمرك لست مدركاً ما يحصل، لكننا قلقون. فيراس، كنا نتساءل كيف سنفسر لك كل ذلك بدقة عندما تصبح كبير كفاية لتسأل. سوف نخبرك أنك من دون منزل لأنه هناك تحذيرات حول تصدير الإسمنت، كيف سنبني لك أول غرفة نوم؟
ستفهم…أنك لا تستطيع أن تغادر غزة… كما لا يمكنك أن ترى أهلك في الضفة الغربية، الموجودين على بعد ٦٠ كيلومتر. لن تلعب قرب الحدود، كي لا تقتل… ولا يمكنك أن تلعب على أنقاض الأبنية المدمرة لأنه قد تجد قنابل غير مفككة. سوف يخبرك والدك أن شركته أفلست ، بعد الحصار إذ لم يستطع أن يصدر أي شيء.
سوف يكون حزين جداً عندما سيخبرك عن ذلك، ويجب أن تفهم لماذا هذا صعب عليه. فيراس، أن تكون عاطل عن العمل ، أمر صعب جداً لرجل، لكرامته ومشاعره. إن معدل البطالة في غزة هو بنسبة ٤٤٪ – من أعلى النسب. لن يصعب عليك أن تفهم ذلك… إن الحصار قد تم منذ من ٨ سنوات لكي يتم منع تصدير ودخول أي شيء من/إلى غزة. إن المواد اليومية المستهلكة يتم تخفيضها ٥٠٪ … جراء حرب الثلاث السنوات المنصرمة، قد إعتمد ٨٠ ٪ من سكان غزة على المساعدات الدولية، و٣٩٪ لا يزالون تحت خط الفقر، و٧٠٪ يعانون من نقص في المواد الغذائية .
هذه الإحصاءات قد تكون كبيرة لولد من عمرك. يجب أن تعتاد عليها، ويجب أن تعرف أن الحصار يترجم بهذه الإحصاءات. ولكن أنت فيراس، سوف تعيشهم. فراس اردنا أن نتمنى لك ميلاداً سعيداً ، ولكن نحن ندرك أن الوضع حساس جداً، كمنظمة إنسانية سوف نتابع بتأمين المساعدة بكل طاقاتنا… وكأفراد نحترم قدرتك على الصمود والتأقلم بالرغم من كل شيء . اننا متأكدين أنك سوف تكون قوي وحازم مثل أهلك، اخوتك، وجيرانك .
و لكن ما يزعجنا هو أنه لا يمكننا أن نفعل أي شيء لم تعاني منه. إن الحصار الموضوع هو من قبل إسرائيل، شريك فرنسا والإتحاد الإوروبي… وبسبب العشوائية والعنف على المدنيين (الأطفال والأولاد) قد وقعت بلادنا على إدانة التصرفات الدولية، إذ أنه لا يجب أن يدان أي إنسان بسب البلد الذي ولد فيه. ندين هذه الحالات التي تعزز غياب الأمن، الإستقرار … إن فرنسا تريد أن تعيد إحياء عملية السلام بين الإسرائيلين والفلسطينيين. لكن فلسطين هي كذلك غزة. كيف يمكننا أن نتكلم عن السلام من دون أن نحترم حقوقك الأساسية؟ من دون إحترام حقوق ثلث من الفلسطينين المحاطين بالعسكريين ومحاصرين في اراضيهم؟
فيراس، يجب أن نعترف أنك غير موجود. أنت لست طفل عمره سنة في غزة. أنت تشكل مئات الملايين من الأولاد في غزة الذين نود أن نخب%D;ع”D9هم الفرنسيين، سكان فرنسا، والزعماء السياسين الذين يريدون الإجتماع لتنسيق مستقبلكم .
نريدهم أن ينظروا أبعد من الاحصاءات، أن يأخذوك بعين الإعتبار … سنطالب دائماً بنهاية الحصار وإعادة إعمار غزة…