الجزيرة نت – علاج نفسي لطلبة نابلس من اعتداءات المستوطنين
قليل من المرح واللعب كان كفيلا بتخفيف شيء من معاناة بيسان وآية وهزار، وغيرهن اللواتي بتن يعشن كغيرهن مشاهد العنف والرعب اليومية بفعل ممارسات جنود الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه تجاه أطفال قرية دوما والقرى المحيطة بها جنوب مدينة نابلس شمال الضفة الغربية.
وللحد من حالة التوتر التي يعيشها أطفال تلك المناطق، بادرت مؤسسات إنسانية وصحية كمنظمة أطباء العالم في فرنسا -وبالتعاون مع وزارة التربية والتعليم بنابلس- لتقديم الدعم للأطفال والتخفيف من الضغط النفسي الذي يعيشونه ضمن مشروع يستمر للعام الثاني.
غير آبهة بالظروف الصعبة وتعقيداتها أو مشاق الطريق ووحشتها، تقطع آية كعابنة (11 عاما) -التي تقطن وعائلتها قرب قرية دوما- عدة كيلومترات للقدوم يوميا إلى المدرسة، ممتطية والأشقاء الثلاثة حمارهم الذي يُعد وسيلة تنقلهم الوحيدة المناسبة لعبور الطريق الوعر.
بيد أن قضية الذهاب والإياب -وإن كان فيهما صعوبة- تهون أمام معاناتهم من اعتداءات المستوطنين وجنود الاحتلال الذين يقتحمون منازلهم بين الحين والآخر بقصد تهجيرهم، كما تقول آية.
وتضيف للجزيرة نت ودموعها تفيض من عينها أن جيش الاحتلال يتذرع بحجج واهية لتبرير اقتحاماته وإخطار أهلها بهدم منزلهم، وترحيلهم من المكان الذي يدّعون أنه منطقة عسكرية واستيطانية.
ومثل آية الكثيرات ممن أرهبهن الاحتلال خلال عمليات اعتقال لأفراد من العائلة، كالطالبة بيسان دوابشة (12 عاما) التي تلاحقها المعاناة وأسرتها لأن بيتهم يقع عند مدخل قريتهم “دوما” في طريق جيش الاحتلال والمستوطنين ذهابا وإيابا.
أنشطة علاجية
وعبر أنشطة علاجية نفسية واجتماعية، تمكنت “أطباء العالم” من تنفيذ برنامجها مع أكثر من ثلاثة آلاف تلميذ وتمكنت من معالجة أزماتهم النفسية وقادتهم للتعبير عن ذواتهم والانتصار على خوفهم، مستخدمة طرقا بسيطة كالموسيقى والرسم واللعب والتمثيل.
ويقول مدير المشاريع في “أطباء العالم” محمود سليم إنهم يوفرون طاقما من الأخصائيين النفسيين والاجتماعيين للتعامل مع الأطفال والخروج بهم من حالة القلق والضغط، وإحداث تنمية نفسية وتفاعل اجتماعي لديهم بتعلم مهارات الاتصال والتواصل وحل النزاعات وتقدير الذات بالرسم أو التمثيل مثلا.
ويضيف أنهم نجحوا في تنفيذ برنامجهم الذي استهدف 21 مدرسة أساسية جنوب نابلس، وتمكنوا بتعاون مشترك مع المعلمين والأهل من إزالة القلق والخوف لدى الأطفال.
المناطق المهمشة
ولم تكتف وزارة التربية والتعليم بالمرونة في قبول هذه البرامج بل شاركت فيها بإيجابية، ووفرت أكثر من 220 معلما ومرشدا تربويا و241 مجموعة من الأطفال بواقع 804 لقاءات، لخلق حلقة من التواصل بين المنظمة والأطفال، كما أفادنا رئيس قسم الإرشاد بتربية جنوب نابلس مفيد نوفل.
ويقول نوفل للجزيرة نت إنهم يستهدفون المناطق المهمشة والأكثر عرضة لاعتداءات الاحتلال والمستوطنين، بحيث يتيحون أمامهم مشاركة تعليمية أوسع والقدرة على اتخاذ القرار وبناء الذات.
وتعد محافظة نابلس المحاطة بأكثر من عشرين مستوطنة أكثر عرضة لاعتداءات المستوطنين، خاصة المناطق الجنوبية منها، وقدر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) هذه الاعتداءات بأكثر من 120 اعتداء خلال عام 2013، أصيب خلالها ستون فلسطينيا بينهم عشرات الأطفال.
وركزت الاعتداءات على مدارس بأكملها وليس الأطفال بحد ذاتهم، خاصة تلك الملامسة للمستوطنات مثل مدرسة قرى عوريف واللبن ويانون، كما يقول النائب الفني لمديرية جنوب نابلس صالح ياسين.
وتمثلت الاعتداءات -وفق ياسين- في مهاجمة الطلبة مباشرة وإغلاق مدارسهم واعتقال طلبة ومنع وصول المعلمين، إضافة لاستفزازات المستوطنين بمهاجمة المدارس والطلبة لا سيما بالمناطق النائية.
ويرى ياسين أن مثل برامج العلاج النفسي والاجتماعي هذه تشكل خطوة مهمة مساندة للعملية التعليمية برمتها، داعيا المؤسسات المختلفة لمثل هذا النهج للتخفيف من شيء من المعاناة عن الطلبة. ويشير إلى دراسات ميدانية أظهرت تدني مستوى التحصيل العلمي للطلبة بالمناطق التي تتعرض فيها المدارس لاعتداءات الاحتلال والمستوطنين.
المقال الأصليّ موجود على موقع الجزيرة نت